اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 402
هو من عنده سبحانه وبمقتضى مشيته وارادته وَالله بعد ما تحققنا بمقام التوحيد وتمكنا في مقر التجريد والتفريد لَنَصْبِرَنَّ عَلى عموم ما آذَيْتُمُونا بالرد والإنكار والتكذيب والاستكبار وغير ذلك من الاستهزاء وسوء الأدب وكيف لا نصبر إذ الكل بيده سبحانه وبحيطة حضرة قدرته وارادته وانما وصل إلينا عموم ما وصل من المنح والمحن انما هو ابتلاء منه سبحانه إيانا واختبار لنا وَبعد ما قد تحقق وثبت ان الكل من عنده عَلَى اللَّهِ المستقل في عموم التصرفات الجارية في ملكه وملكوته لا على غيره من الأسباب والوسائل العادية فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ الموحدون المفوضون أمورهم كلها اليه وليبذلوا مهجهم في ترويج دينه وطريق توحيده وإعلاء كلمته
وَبالجملة قد ادّى امر استكبارهم واستنكارهم وتكذيبهم الى ان قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ حين بالغوا في دعوتهم وهدايتهم لَنُخْرِجَنَّكُمْ ايها المزورون الملبسون مِنْ أَرْضِنا اجلاء وإخراجا على وجه الاهانة والإذلال التام أَوْ لَتَعُودُنَّ أنتم كما كنتم منصفين ملجئين فِي مِلَّتِنا التي هي ملة آبائكم واسلافكم فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ حين اشتد الأمر عليهم واضطروا من ظلمهم وطغيانهم قائلا لهم على سبيل الوعد والتبشير لا تبالوا ايها الرسل المبلغون كلمة الحق إليهم عن تهديداتهم وتشنيعاتهم هذه ولا تخافوا عن شوكتهم وصولتهم إذ نحن أقوى منهم لَنُهْلِكَنَّ بمقتضى قهرنا وجلالنا ونستأصلن الظَّالِمِينَ الخارجين عن ربقة إطاعتكم وانقيادكم
وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ نورثنكم ونقررنكم الْأَرْضَ التي هم يريدون إخراجكم منها مهانين صاغرين مِنْ بَعْدِهِمْ اى بعد إهلاكهم واستئصالهم ذلِكَ اى إهلاك العدو وايراث الأرض والديار لِمَنْ خافَ مَقامِي اى للمؤمنين الموحدين الخائفين عن قيامي وحفظي واطلاعى بعموم احوال عبادي وبسبب خوفهم هذا لا يخرجون عن مقتضى امرى ونهي وَمع ذلك قد خافَ وَعِيدِ وعن بطشى وانتقامي في يوم الجزاء بأنواع العذاب والنكال ومن غاية خوفهم ورعبهم عن الوعيدات الاخروية قد استعدوا لها وهيئوا اسباب النجاة عنها جعلنا الله ممن وفق لتهيئة اسباب أخراه في أولاه
وَكيف لا ينصرهم الحق ولا يهلك عدوهم إذ هم قد اسْتَفْتَحُوا واستنصروا من الله وطلبوا الفتح والنصرة على أعدائهم مفوضين أمورهم كلها اليه مسلمين أبدانهم وأرواحهم على قضائه سبحانه لذلك قد فتح عليهم ونصرهم سبحانه على عدوهم وَقد خابَ خيبة ابدية وخسر خسرانا سرمديا كُلُّ جَبَّارٍ متكبر متجبر على الله وعلى عباده عَنِيدٍ مبالغ في العتو والعناد مع أنبيائه ورسله ومع ذلك لا يقتصر عليهم بالعذاب العاجل
بل مِنْ وَرائِهِ اى في وراء العذاب العاجل الدنيوي جَهَنَّمُ البعد والخذلان وجحيم الطرد والحرمان الأخروي وَيُسْقى فيها حين اشتداد زفرتهم مِنْ ماءٍ اى مايع كالماء صَدِيدٍ قيح سائل من جراحات أجساد اهل النار المنهمكين في النشأة الاولى بأكل السحت واموال الأيتام والرشى في الاحكام وخبيث بشيع في غاية البشاعة
بحيث يَتَجَرَّعُهُ بتكلف شديد واضطراب بليغ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ ولا يقرب ان يجرى على حلقه وينحدر منه للزوجته وحرارته وشدة التصاقه وَلعدم اساغته وجوازه وغاية بشاعته يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ ويتوجه نحوه ويحيط به اسباب الموت والهلاك من كل عضو من أعضائه لوصول اثر اشتداده ورداءته وبشاعته كل جزء جزء من أجزاء بدنه حتى اصول شعره فتقشعر من هوله كما يشاهد بمثله عند شرب الأدوية الردية الكريهة الرائحة واللذة مثل السقمونيا والحنظل وغير ذلك وَمع إتيان اسباب الموت من
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 402